القراءات المعاصرة

فكرة عن ضرورة ومعنى القراءات المعاصرة..

لنأخذ مثلاً عبارة “أرسل لي رسالة” ونرجع بها إلى العصور القديمة، فإذا قلتها لأحد في ذلك الزمان فالوسيلة الوحيدة كانت أن يرسلها مع شخص ما ليسافر ويوصل الرسالة. وبعد اكتشاف قدرة الحمام الزاجل بدأ استثماره لإيصال الرسائل فإذا عدت لذلك الزمان وقلت نفس العبارة “أرسل لي رسالة” فإن الشخص سوف يرسلها مع الحمام الزاجل. وإذا تقدمنا في الزمن لحين استحداث البريد فقول نفس العبارة يعني أن يكتب الشخص الرسالة ويضعها في ظرف ويرسلها بالبريد، وحينها لا يعد من المقبول أن أقول لشخص ما أرسل لي رسالة فيرسلها مع الحمام الزاجل.

 

ومع تطور العصر والعلم وتقدم الإنسان المعرفي، أصبحت هذه العبارة نفسها تعني إرسال الرسالة عبر جهاز الفاكس مباشرة. ثم تطورت في عصرنا الحالي إلى البريد الالكتروني وجميع وسائل التواصل الأخرى التي توصل الرسالة في اللحظة نفسها.

 

مثال آخر:

إذا طلبت من شخص ما أن يكتب، وعدنا في الزمن إلى الوراء فالبداية كانت على جدران الكهوف ثم جلود الحيوانات ثم الورق. وفي عصر الورق إذا طلبت من شخص ما أن يكتب فإنه سيستخدم القلم والورق ليكتب وحينئذٍ لا يعد مقبولاً أن يقوم الإنسان بالكتابة على جلود الحيوانات مع أن الطلب نفسه ولكن التقدم المعرفي للإنسان غيَر طريقة تنفيذ هذا الطلب . وفي عصرنا الحالي أصبح لتنفيذ كلمة اكتب طرق متعددة فيمكن أن يكتب على الكمبيوتر والتابلت والموبايل وحتى أن هناك حركة تدعو للكتابة الالكترونية حفاظاً على عدم استخدام الورق حتى أصبح هناك التوقيع الالكتروني والحكومة الالكترونية والتي من خلالها يتم إدارة الأمور (الورقية سابقاً) بطريقة رقمية.

 

ينطبق ذلك على عبارة “لنسافر إلى هذه المدينة” فعبر الزمن كان هناك طرق معينة للذهاب أما اليوم فهناك الطائرة والقطار وغيرها، ومن غير المعقول أن تقول لإنسان اليوم نفس العبارة فيقوم بتجهيز مجموعة من الجِمال للسفر عليها بل ستراه يفتح حاسبه مباشرة للبحث عن رحلة مناسبة على متن طائرة أو قطار.

 

الفكرة مما سبق هي إعطاء أمثلة عن نص ثابت أصبح له معاني مختلفة على مر العصور حيث أصبحت المعاني القديمة اليوم غير مقبولة على الإطلاق وهذا على مستوى عبارة بسيطة فهل يعقل أن نأتي على كلام الله بكتابه الذي يصلح لكل زمان ومكان وكلامه الإعجازي ونقبل بالفهم الذي كتبه الفقهاء عبر العصور الفائتة ومنذ مئات السنين!

 

لايمكن القبول بهذه الفكرة على الإطلاق وخاصة أن إعجاز القرآن هو في ثبات نصه وحيوية وتطور معانيه والتي تتوائم مع تغير الزمن، فالله سبحانه وتعالى كامل المعرفة ووضع معرفته في كتابه وكلما زادت معرفتنا زاد فهمنا. لذلك يجب علينا كلما زادت معرفتنا أن نقرأ كلام الله لنستطيع تقديم فهم أدق يتناسب مع ما نعيشه من تطور لنستطيع استنباط المعلومات التي تفيدنا وتكون قابلة للتطبيق في زماننا ومكاننا الحاليين وهنا يكمن أحد أوجه ذلك الإعجاز للكتاب الإلهي.

مقالات أخرى يمكن أن تهمك

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

%d مدونون معجبون بهذه: