نحن و هم

عادة ما تكون النصيحة الأولى التي تتلقاها عند شرائك أي شيء من المتاجر الالكترونية مثل Amazon و e-bay وغيرها هي أن تنظر إلى آراء الزبائن وتقاطع بينها لاختيار المنتج الأفضل. ونفس الشيء نفعله عند شرائنا أي جهاز الكتروني أو غيره، فإننا نسأل الناس الذين سبق واستخدموه عن جودة أدائه لديهم. ينطبق ذلك على الكتب أيضاً فترى الناس تنظر إلى قائمة أفضل الكتب لاختيار كتابها القادم كون ذلك الكتاب قد تم شراؤه من قبل عدد أكبر من الناس. كما وينطبق ذلك أيضاً على المدارس والجامعات والدورات التعليمية وطرائق التدريس. وحتى لدى اختيارنا لمحل عصير أو مطعم فإننا ندخل ذلك الذي فيه ناس أكثر كدليل على مصداقية جودة منتجه.

 

والآن إذا ما أردنا تطبيق هذا المعيار على حياة الناس فهذا يعني أن الشعوب السعيدة والمرفهة والمنظمة والمتعلمة والمنتجة للمعرفة لديها قوانين وأنظمة وتشريعات ونمط حياة أفضل من الشعوب التعيسة والفوضوية والمستهلكة والتي ترتفع فيها نسبة الأمية. فإذا جاء اليوم مخلوق فضائي إلى الأرض ونظر إليها ويريد تعلم نمط حياة جديد ومحاكاة قوانين معينة، فمن البديهي أن يذهب للخيار الأول لما له من مصداقية في حياة الناس اليومية كما يراها بأُمِّ عينه.

 

إذا ما أسقطنا التصنيفين المذكورين على عالمنا الحالي، فلا يختلف اثنين على إسناد التوصيف الأول إلى دول العالم الأول التي يقع معظمها في الغرب والثاني إلى شعوبنا ودولنا. والمحير في الأمر أننا في دولنا نقول أننا استقينا تشريعاتنا وقوانيننا من الدين الإسلامي وهو الذي يَحكُم طَبيعة علاقاتنا الاجتماعية ويُنظّمُها. ونقول أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وهو خاتمة الشرائع وأفضلها، وأن اتبّاعه يضمن لنا أن نكون خير الأمم وأن نكون عباد الله الصالحين الذين يرثون الأرض حيث استُخلفنا واستُعمرنا. وبالعودة إلى مبدأ المصداقية المذكور في البداية فهذا الكلام يتناقض معه بشكل جذري فواقعنا عكس ذلك.

 

إذاً أين تكمن المشكلة في ظل الواقع الواضح الذي نعيشه اليوم؟ لا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى الكثير من التفكير للوصول إلى نتيجة أن فهمنا وتطبيقنا لقواعد الدين الإسلامي وأحكامه وشرائعه وقوانينه يعاني من إشكاليات كبيرة جداً، وأن هناك أخطاء ومغالطات تراكمت بحجم تاريخنا وأوصلتنا إلى ما نحن عليه. وبالتعمق أكثر نرى أن الأمم الأخرى وصلت بشعوبها إلى نفس الهدف الذي جاء ديننا من أجله دون أن يكون لديهم إيمان بهذا الدين.

نحن لدينا القوانين والشرائع والإطار الديني وهم لديهم نتائجها.

 

بدراسة متأنية لهذه الحالة نجد أن قوانينهم وأنظمتهم تعتمد بشكل أساسي على احترام الإنسان وتكريمه وتقديس حريته والسمو بمكانته. كما تقوم على أسس العدالة بين الجميع وسيادة القانون على الجميع وعلى مبدأ الحكم الديمقراطي بالشورى، فلديهم التطبيق الحقيقي لمبدأ البرلمان والوزارات وجميع الأنظمة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبالتالي لديهم أفضل الجامعات ومراكز الأبحاث وهم منتجو المعرفة التي نستهلكها نحن جميعاً.

 

هذه الأسس هي أسس الإسلام التي جاء بها نبي الرحمة والتي وصلوا إليها بفكرهم وسعيهم لبناء الإنسان فكانت النتيجة أن سادوا الأرض وهم وارثوها في عصرنا الحالي.

 

لذلك لا بد من ثورة على الأفكار البالية والفقه الموروث الذي يحكمنا والذي أوصلنا إلى واقعنا المرير هذا. لابد من الاعتراف بأن هناك مشكلة في فهمنا فلقد أسأنا فهم وتنفيذ ما أمرنا الله به، وهو الذي بحسب كلامه عز وجل في تنزيله الحكيم, يؤدي إلى ما نحن فيه. يجب أن ننتبه إلى ما فعلنا لنستطيع تصحيح المسار إن أردنا أن نحظى بمكان بين وارثي الأرض وعباد الله الصالحين.

مقالات أخرى يمكن أن تهمك

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

%d مدونون معجبون بهذه: