لنقل أنك تريد الذهاب من النقطة “أ” إلى النقطة “ب” وهي النقطة الهدف، وأنا أعطيتك تعليمات الوصول، وبعد ان سلكت الطريق وجدت أنك لم تصل إلى النقطة “ب” فأنت أمام خيارين إما العودة إلى المنزل أو إعادة محاولة إيجاد النقطة الهدف. خيارك الأول هو رديف مايسمى الفشل (طبعاَ مع التأكيد أن هذا لايعني أن النقطة “ب” غير موجودة) وخيارك الثاني هو عدم النجاح وهذا يعني أنك ستقوم بالبحث عن الخطأ الذي ارتكبته في المحاولة الأولى لتجنبه في المحاولة الثانية ومعاودة المحاولة. وفي الحقيقة فإن الفشل لاوجود له، هو من اختراعنا لنسهّل على أنفسنا قرار عدم البحث عن الخطأ والمحاولة من جديد.
وأود أن أقول أنه أنا وانت و كل الناس قد قمنا بأصعب مهمتين في البشرية عندما كنا أطفالاً تحركنا الفطرة الإلهية التي لاوجود للفشل والاستسلام فيها قبل أن نكتسبهما من محيطنا؛ وأعني هنا المشي والكلام. لو كان للفشل معنىً في حياتنا في ذلك الوقت لما استطعنا لا المشي ولا الكلام وكل يوم نرى الأطفال أمامنا يسقطون ثم يقومون بمرح -وربما بدموع- ولكن بتصميم حتى الوصول للهدف. لذلك الفشل هي كلمة من اختراعنا لنبرر بها كسلنا وعدم اجتهادنا. ولمن تقفز إلى ذهنه الآن فكرة “الكلام سهل والواقع مختلف” أود أن أقتبس هذه المحادثة التي حصلت مع أحد أساتذة علم النفس والعاملين بمجال التنمية البشرية عندما كان يحاضر في مجموعة كبيرة من الشباب عن هذا الموضوع ويخبرهم بالقدرات الهائلة التي يمتلكها كل منهم وقدرته على تحقيق أي شيء، قاطعه أحد الشباب قائلاً: “يادكتور، الكلام سهل” فطلب منه المحاضر الوقوف وقال له: “هل تعلم كم من السنوات صرفت من عمرك دون كلل أو ملل حتى أصبح الكلام سهلاً بالنسبة إليك؟”