ثلاثةُ أساسيَّاتٍ للتعلُّم، والتَّعليم الإلكترونيّ

by Lobana

يشهدُ التَّعليمُ تحولّاً جذريّاً على كافّةِ الأصعدة، ربَّما يمكننا تسمية هذا التّحول بـ “الَّثورة الحديثة على طرائق التَّعليم التّقليديّة”، ومن الواضح أنَّ التَّعليم الإلكترونيّ أهم الأدوات التي تقود هذه الثَّورة، وهذا التَّغيير بكلِّ أدواته ومنصَّاته وطرائقه. لذلك أرى من المهم معرفة ثلاث أساسيَّاتٍ في هذا السِّياق وهي: أنواع وفروقات التعليم الالكتروني، وأنظمة إدارة التعلم LMS، واختيار الدورات المناسبة مع خلق الحافز.

1- أنواع وفروقات التَّعليم الإلكترونيّ  

يتم تقديم التعليم الالكتروني بطريقتين أساسيتين ويتم عادة استخدام عدة مصطلحات لذلك:

  • الطريقة الأولى وتسمى التّعليم غير المتزامن أو التَّعليم المُسجّل أو التَّعليم الالكتروني التقليدي

  • الطريقة الثانية وتسمى التَّعليم المتزامن أو التَّعليم الحي والمباشر أو التَّعليم التَّفاعلي

في الطريقة الأولى يحضر الطَّالب بغير الوقت الحقيقيّ للدّرس، وهنا نكون أمام حالتين:

  • إمّا أنَّ الدَّرس كان متزامنًا، وقد تمّ تسجيله، والطالب يشاهد الدّرس في وقتٍ آخر

  • أو هو عبارة عن فيديوهاتٍ مُسجَّلة مسبقًا، وتُعطى للطالب، وهو يحضرها في الوقت الذي يرتاح فيه.

الجدير بالذكر أن نسبة إكمال الدورات والبرامج المُسجَّلة قليلة، وذلك بسبب خلوّها من التَّفاعل الذي يُغني العمليّة التّعليميّة، ويجعلها أكثر مرونة، كما أنّ هذه الدّروس المُسجَّلة تكلفتها عالية، حيث يتم التسجيل في استديو مخصَّص، ويحتاج إلى إضاءةٍ جيِّدةٍ، وتقنيّاتِ صَّوتٍ جيّدةٍ، وتحتاج هذه الفيديوهات إلى عمليّاتِ تعديلٍ، ومونتاجٍ لتظهر بشكلٍ جميلٍ وجذّابٍ، كما أنّ الجلوسَ أمام الكاميرا ليس بالأمرِ السّهلِ على المدرس.

وعلى الجانب الآخر هناك الطريقة الثانية والتي يكون فيها التعليم متزامناً حيث يكون الطَّالب والأستاذ مع بعضهم بنفس الوقت، وهذا النَّوع الذي نستخدمه في منصّة نيوفرستي، ويتميز هذا التَّعليم بكونه تفاعلي. وهو قليلٌ نسبيًّا، وذلك بسبب التَّكلفة العالية للموارد البشرية، فالمُعلِّم يجب أن يكون موجودًا في كُلِّ مرّة يعطي فيها الدَّرس، ولكن يجدر الذكر أنه يمكن تسجيل هذا النوع من الدروس وإعادة استخدامها على المدى الطويلٍ جداً؛ ويعتبر هذا النوع من التعليم محبباً أكثر للطُّلَّاب، إذ يكون الأستاذ مع طُلّابهِ بشكلٍ مباشر، وبطريقة تفاعليَّة، وهذا التَّعليم يُحاكي التَّعليم التّقليديِّ القديم نوعًا، ويُحاكي الوجود الفيزيائيّ للمُعلِّم والطّالب في نفس المكان. ومن خلال تجربتنا وخبراتنا مع عشرات آلاف الطلاب في نيوفيرستي، فإن الطلاب يحبُّون البيئة التّعليميّة التفاعلية بشكل أكبر بكثير.

2- نظام إدارة التَّعلُّم LMS – Learning Management System

نظام إدارة التَّعلُّم هو موقعٌ إلكترونيٌّ يضُمُّ حسابات الطَّلاب، وهو المكان الذي يرفع عليه الأستاذ كل المواد التّعليميّة من فيديوهاتٍ مُسجَّلةٍ، ومصادرَ إضافيَّة، ويُسمحُ للطُّلاب بالتَّواصل مع الأستاذ عن طريق نظامِ الدَّردشة، أو البريد الالكتروني، ويتيحُ أيضًا تقديم الوظائف ومناقشتها، وكلَّ هذا من جهة الأستاذ.
أما الطَّالب فيكون لديه حساب على هذا الموقع الإلكترونيّ للمؤسسة التَّعليمية عبر اسم مستخدم وكلمة مرور، وبمجرَّد دخوله إلى حسابه فهو يدخل إلى الدَّورات المسجّل فيها ضمن نظام إدارة التَّعلُّم، ويشاهد الفيديوهات، ويُراجع المصادر الإضافيّة التي يجب أن يتصفّحها، ويتم تقديم الوظائف عن طريق هذا النِّظام، ويصحِّحها الأستاذ، ويرسلها إلى الطّالب، ويعطيه العلامات المُستحقّة، كما يُمكنه تسجيل الحضور، إنّ هذا النّظام أشبه ببيئةٍ تعليميّةٍ مُتكاملةٍ تُعطي تغطيةً كاملةً لكلِّ ما يحتاجه الطَّالب، والمعلِّم على حدٍّ سواء.

هل نحتاج دومًا إلى نظام إدارة تعلُّم؟ هناك بعضُ مصادر التّعلُّم من غير إدارة تعلم، وأبسط مثال على ذلك موقع يوتيوب، نجد فيه قنواتٍ تعليميّةٍ، وفيديوهاتٍ تُقدّم محتوى علميٍّ يُقدمه أشخاصٌ مُتفرّقون، ويمكن التواصل مع المدرِّس عبر التَّعليقات، ويمكن للمدرس أن يتركَ روابط لملفَّاتٍ يمكن تحميلها، ولدينا أيضًا فيسبوك فقد يُعتبر منصةً تعليميّةً عند إنشاء مجموعةٍ جديدة بغرضِ التّعليم، ويستطيع الطَّالب من خلالها مشاهدة الدُّروس، وهي دروسٌ يسجِّلها الأستاذ، أو يمكن أن يظهر ببثٍّ حيٍّ، ومباشرٍ.

3- اختيار البرنامج الأمثل، وخلق الحافز

يجب عليك الاختيار بعناية بما يتوافق مع أهدافك الشَّخصيَّة، كما يجب أن تعرف إلى أين تريد أن تصل، وما هي الأمور التي تحبُّ أن تتعلَّمها، وما هي الأشياء التي تُريد أن تضيفها إلى نفسك من أجل تحسين فرصك وإيجاد عملٍ يُناسب شغفك ويُناسب مهاراتك، أو لتطوير نفسك من أجل الحصول على ترقيةٍ في عملكِ، فيمكن للشخص أن يتعلَّمَ مهارةً معيّنةً بعدّةِ أشهرٍ، ويمكن أن يُمارس هذه المهارة ويصقلها ويُقدِّمها للغير بشكل خدمةٍ مدفوعةٍ، فتكون مصدرَ دخلٍ له.

لذا يجب دومًا أن تُحدّدَ أهدافك بشكلٍ واضحٍ، وتعرف وجهتك بدقّةٍ، فالطّلاب في كل يوم يُشاهدون عناوين ملفتة للدّورات التّعليميّة، ولكن هل نحتاج أن نتبع جميع الدورات المتاحة؟ حتمًا لا. من الأفضل أن تُحدّد ماذا تُريد، وتختصَّ بشيءٍ يُناسبكَ منذ البداية بما يتوافق مع خطتك وأهدافك.

هناك الكثير، والكثير من الدّورات التي قد تكون مجَّانيَّة، وقد تكون مدفوعةً، وهناك الدّورات المتوافرة بسعرٍ رمزيٍّ، سواء أردتها باللغة العربيّة، أو باللغة الإنكليزيّة، وهناك الكثير من البرامج التَّدريبيَّة التي قد تكون أكاديميّة، أو غير أكاديميّة، لذا يجب عليك دائمًا أن ترسم خطَّة واضحةً، وتبدأ رحلة التّعلم المُناسبة لك، والتي تمنحكَ بشكلٍ واضحٍ، وحقيقيّ ما تحتاج أن تتعلّمه، وتذكّر دائمًا أنّ العلمَ بالتّعلّم، والمعرفة من حقِّ الجميع، ولم تعدْ الحجج لتبرير التّكاسل مُقنعة، فبعد هذا التطوّر التّكنولوجيِّ، لم تعد المعرفة حكرًا على أحد، وكلّ ما يحتاجه الطّالب جهاز حاسوبٍ، أو هاتف ذكي بمواصفاتٍ متوسّطة، وهو متوافر بطبيعة الحال بين أيدينا جميعًا، وانترنت جيّد نوعاً ما.

يحتاج التّعلّم عبر الانترنت إرادةً، ورغبةً حقيقيّةً في التّعلُّم، فيمكن أن تكون مسجلًّا في أكثر من عشر دوراتٍ في منصّاتٍ مُختلفةٍ مثل إدراك، وكورسيرا، ورواق، بشكلٍ عشوائيٍّ ومن غير قرارٍ حقيقيٍّ فتجد نفسكَ أمام هذا الكمّ الكبير من الدّورات، والدّروس غير المكتملة. لذلك عندما تتوافق الدورات مع أهدافك العملية وبقليل من الانضباط الذاتي يمكنك متابعة التعلم والحصول على أفضل النتائج من الدورات المتاحة.

إنَّ تجربة التّعلم تستحقّ أن نخوضها جميعًا، لأنّ الأمر لم يعد ترفًا ثقافيًّا فقط، إنّما اليوم أصبح حاجةً مُلحّةً وأقول أنه يرتقي لواجب شخصي، وضرورةً في حياةٍ يتطوّر فيها كلّ شيءٍ على مدار السّاعة.

شاهد فيديو عن هذا الموضوع

 

مقالات أخرى يمكن أن تهمك

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

%d مدونون معجبون بهذه: