في بداية آذار من عام 2017 بدأت برنامجاً تدريبياً في ريادة الأعمال ضمن حاضنة الأعمال الرائعة سينغا (Singa Deutschland) وفي البداية بدأ البرنامج بتمرين امتد على ثلاثة أيام وكان حول تصميم منتج جديد وبناء نموذج أولي له. كان التمرين ممتعاً جداً حيث أنه كان تمريناً جماعياً ولكن يعطي الوقت والحرية لكل مشارك لتوليد الأفكار بشكل فردي ومن ثم مشاركتها مع الآخرين. كانت الأداة الرئيسية في جميع أيام التدريب استخدام الأوراق اللاصقة (sticky notes) حيث يَكتب أو يَرسم كل مُشارك فكرته بخط كبير باستخدام أقلام التخطيط بحيث تكون مفهومة للآخرين.
كخطوة أولى كان يجب أن نفكر بالمستخدم أو الزبون لمحاولة فهمه وفهم حياته ومشكلاته والتحديات التي يوجاجهها والذي يُستَخدم مصطلح “Persona” للتعبير عنه. لذلك طُلب منا الذهاب في جولة في محطة القطارات القريبة من قاعتنا التدريبية لإجراء مقابلات عشوائية مع الناس في المحطة لسؤالهم حول المشكلة التي تم الاتفاق عليها. في البداية لم أصدق أننا سنجري مقابلات حقيقية ولكن هذا ماكان رغم صعوبة وإحراج الموقف حيث قام كل ثلاثة منا بإجراء سبع مقابلات تخللها بعض المواقف المحرجة والمضحكة والمخيّبة على السواء. بعد عودتنا من جولة المقابلات قمنا بتوليد أفكار كحلول لتحديات هذا الزبون الافتراضي وكان عدد الأفكار كبيراً جداً حيث يقوم كل مشارك بلصق أوراقه على حائط الغرفة. وعند نهاية جلسة توليد الأفكار “Ideation” كان حائط الغرفة قد امتلأ تماماً.
وهنا تم استخدام تقنية جميلة لانتقاء الحلول الأفضل، فبدل أن يتم الجديث بشكل جماعي وخوض نقاشات ودفاعات لاتنتهي، أخذ كل منا ثلاث أوراق دائرية صغيرة لاصقة لوضعها على الأفكار التي تعجبنا. وفي النهاية تفوز الفكرة التي حصلت على أكبر عدد من الأوراق الصغيرة (الأصوات). في حال كان هناك أكثر من فكرة حصلت على أصوات كثيرة أو متساوية، يتم نقاشها وإعادة التصويت عليها.
بعد ذلك تبدأ مرحلة بناء النموذج الأولي القائم على الفكرة الفائزة ويتم ذلك باستخدام أدوات وأغراض متعددة كالأوراق والصحون الكرتونية والبوالين والألوان وقطع بلاستيكية بأشكال مختلفة وإلى ماغير ذلك من الأشياء البسيطة، وذلك لبناء شيئ يشبه ما سيكون عليه المنتج الحقيقي. كانت عملية بناء النماذج ممتعة وحماسية وتنافسية جداً فكل مجموعة تريد بناء النموذج الأفضل. بعد الانتهاء من بناء النماذج، قدمت كل مجموعة نموذجها مع شرح مفصل حول كيفية الاستخدام.
في نهاية الأيام التدريبية الثلاث كنت مستمتعاً جداً بالتجربة وذهبت لأقدم الشكر للمدربين على هذه الطريقة الرائعة في معالجة الأمور وتوليد الأفكار لأنها جعلتني وزملائي نُحسّ أنها أخرجت من دواخلنا أفكار لم تكن لتخرج بالطرق التقليدية. ولكن أحد المدربين ابتسم وقال: هذه ليست طريقتنا نحن وإنما طبقنا عليكم مبادئ التفكير التصميمي “Design Thinking” وكانت تلك المرة الأولى التي أسمع فيها بهذا المصطلح. فبدأت أقرأ عنه وعلمت أنه أحد أحدث وأفضل الطرق التي تستخدمها الشركات والمنظمات والمشاريع وحتى الحكومات لمواجهة التحديات وإيجاد الحلول كما أن له عدة تطبيقات في مجالات الإدارة والتعليم. ومن المثير للاهتمام أيضاً ان الكثير من المنتجات التي نراها اليوم كانت نتيجة لجلسات التفكير التصميمي. وعلاوة على ذلك فإن الشركات الكبيرة ك BMW على سبيل المثال تستخدمها للخروج بأفكار ثورية وغير تقليدية لوضعها في نماذج تصميم سياراتهم المستقبلية.
لذلك قررت وقتها أن أتعلمه بشكل احترافي وأتعمق فيه لأستطيع نقله بالعربية لشبابنا الواعد ولأنه يمكن أن يستخدم كطريقة لإيجاد الكثير من الحلول للتحديات التي نواجهها. وقد قادني هذا الشغف الجديد لاتباع عدة دورات في الموضوع كما قادني إلى مدرسة التفكير التصميمي الأعرق في العالم والتي تقع في معهد هاسو بلاتنر في مدينة بوتسدام المجاورة لبرلين. وأصبحنا في نيوفيرستي نستخدم التفكير التصميمي للتخطيط وتصميم دوراتنا التدريبية وطريقة لتعامل مع الطلاب. ومن خلال الشراكة التي أقامتها نيوفيرستي مع برنامج “تعلم مع فيسبوك” فقد أصبحتُ مدرباً مُعتمَداً في التفكير التصميمي وأقدم حالياً ورشات عمل تعريفية مجانية معتمدة من فيسبوك ضمن برنامج متكامل للمهارات الرقمية من خلال منصة نيوفيرستي. في حال كنت مهتماً بحضور هذه الورشات يمكنك التسجيل من خلال هذا الملف وسيتم إعلامك عبر البريد الالكتروني عن مواعيد الورشات علماً ان الورشات ستكون متاحة خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) فقط. وسوف أقوم بمشاركتكم مستقبلاً بالكثير عن تقنيات وأدوات وتطبيقات التفكير التصمصمي وكيفية التدريب عليه عن بعد من خلال الأداة الالكترونية التفاعلية التي حصلت عليها نيوفيرستي مؤخراً.
1 comment
[…] على غرف اجتماعات افتراضية، وكل ذلك ضمن العمل على مبادئ التفكير التصميمي لاستنباط الحلول وهو موضوع بحد ذاته جديد على […]